السابق، يعني: قل لهم اعتبروا بمَثَلٍ أضربه لكم {آيَةٌ}، أي علامة على أنكم ستغلبون، لأن الآية في اللغة: العلامة، {فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا}: يعني: لقي بعضهما بعضًا للقتال بينهما، والفئة بمعنى الطائفة. وهل المراد بالفئتين فئتان حقيقيتان واقعتان أو هو على سبيل المثال؟ أكثر المفسرين على أنهما حقيقيتان في أمر واقع.
وقال بعض المفسرين: إن ذلك على ضرب المثل، يعني: ولنفرض أن هناك فئتين على هذا الوجه؛ فئة تقاتل في سبيل الله، وأخرى كافرة. وإذا قلنا: إنهما فئتان في قضية واقعة، فقد قال هؤلاء القائلون بهذا القول: إن المراد بهما فئة الكفار والمؤمنين في بدر، فهما فئتان: فئة تقاتل في سبيل الله، وهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه، وفئة كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت، كما قال تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}[النساء: ٧٦]، والخطاب في الآية للمؤمنين، سبحان الله! لو أخذنا بهذه الآية ونحن مؤمنون حقيقة، نقاتل في سبيل الله، لكان هؤلاء بين أيدينا كالفراش!
فئة: مبتدأ، وتقاتل: خبره، وجاز كون المبتدأ نكرة لأنه للتقسيم، فجاز الابتداء بالنكرة. ومنه قول الشاعر:
فيوم علينا ويوم لنا ... ويوم نُساء ويوم نسر
فبدأ بالنكرة لأن المقام مقام تفصيل.
{تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي في طريقه، والقتال في سبيل الله يتضمن أمورًا: