للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه وتعالى، والمراد بالقطع هنا الإهلاك أي ليهلك طرفًا، اللام هذه إما متعلقة بقوله: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} [آل عمران: ١٢٣] ولكن هذا ضعيف؛ لأنه بعيد، يعني أنه جاءت آيات كثيرة تفصل بين العامل والمعمول، وهذا لا نظير له، وإما أن يكون متعلقًا بمحذوف تقديره: فعل ذلك ليقطع طرفًا، وهذا القول أصح، فتكون اللام متعلقة بفعل محذوف يقدر على وجه مناسب.

وقوله: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: ليهلكهم، ولكن هل هذا فيما إذا انتصروا على المسلمين أو فيما إذا انتصر المسلمون عليهم أو على الوجهين جميعًا؟ الصواب أنه على الوجهين جميعًا؛ لأنه إن انتصر المسلمون وهزموهم فقد هلك طرف منهم، وإن انتصروا هم على المسلمين فإنهم سوف يلحقهم الغرور ونشوة النصر ثم يعيدون الكرة مرة ثانية، وحينئذٍ يقضى عليهم، فيكون الوجهان حاصلين سواء غَلبوا أو غُلِبوا.

وقوله: {طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} الطرف: طرف الشيء هو منتهاه من أسفل أو من أعلى، والمراد الطرف الذي يلي المسلمين؛ وذلك لأن المسلمين مطالبون بقتال من يليهم من الكفار حتى يفتحوا بلاد الكفار بلدًا بلدًا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [التوبة: ١٢٣] فهذا كما أنه سنة الله الشرعية فهو أيضًا موافق للفطرة؛ لأنه ليس من الحكمة أن تذهب إلى البعيد تقاتله وتترك القريب، إذ إن القريب في هذه الحال ربما يكون كمينًا يعني يحول بينك وبين رجوعك إلى بلدك.

<<  <  ج: ص:  >  >>