للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأن معناها فعل الأوامر وترك النواهي لكن تعبدًا لله، تفعل الأوامر تعبدًا لله، وتترك النواهي تعبدًا لله وتذللًا له، أما قوله {وَاتَّقُوا النَّارَ} فهي تقوى من نوع آخر، وهي أن تتخذ ما يقيك منها كما تتخذ ما يقيك من الحر في الدنيا؛ لقوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} [النحل: ٨١] فليست تقوانا للنار تقوى عبادة وتذلل كتقوانا لله، فاللفظ واحد والمعنى مختلف. فتقوى النار معناها أن نتخذ حجابًا دونها حتى لا يصيبنا لفحها. هذه هي تقوى النار وليست كتقوى الله التي هي تقوى تذلل وعبادة.

{وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} هذه النار ورد في الكتاب والسنة مِنْ أوصافها وأوصاف عذابها ما تنخلع له القلوب، وبَسْط هذا معروف، {الَّتِي أُعِدَّتْ} أي هيئت لهم. والمعِد لها هو الله عزّ وجل.

وقوله: {لِلْكَافِرِينَ} أصل الكفر في اللغة الستر ومنه الكُفُرَّى الذي نسميه الكافور، وهو وعاء طلع النخل، هذا أصله في اللغة، أما في الشرع فإنه جحد الإنسان لنعمة الله عزّ وجل. وأعظمه الكفر المخرج عن الملة، وهناك كفر دونه كما ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كفر دون كفر (١)، وقوله {لِلْكَافِرِينَ} يعني الكافرين بما يجب الإيمان به، وأركان الإيمان وأصوله الستة بيَّنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قوله: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره".


(١) رواه الترمذي، كتاب الإيمان, باب ما جاء سباب المؤمن فسوق، رقم (٢٦٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>