للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكبائر معدودة فجعل يعددها ويقول الكبيرة الأولى، الكبيرة الثانية، الكبيرة العاشرة، إلى أن انتهى إلى ما بلغه علمه من الكبائر.

وبعضهم يقول: إن الكبائر محدودة وليست معدودة، ومعنى محدودة يعني معلقة بوصف لا بعدد، فقالوا مثلًا: ما فيه حدٌّ في الدنيا فهو كبيرة مثل الزنا والسرقة والقذف، كل ما فيه حد في الدنيا فهو كبيرة، وكل ما رتّب عليه اللعنة فهو كبيرة مثل: "لعن الله من آوى محدثًا" (١). ومثل: "لعن الله الراشي والمرتشي" (٢) وما أشبهه، وكل ما رتب عليه غضب فهو كبيرة، مثل قوله تعالى في القاتل: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [النساء: ٩٣] وكل ما رتّب عليه وعيد في الآخرة بأن قيل: من فعل كذا فهو في النار أو ما أشبه ذلك، مثل: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار" (٣).

ورأيت لشيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله: كل ما رتّب عليه عقوبة خاصة، دنيوية أو أخروية فهو كبيرة، وما جاء النهي عنه بدون ذكر عقوبة فهو صغيرة، فقال مثلًا: الغش من كبائر الذنوب؛ لأن الشارع جعل له عقوبة خاصة: "من غشنا فليس منا" (٤). وإيذاء الجار من كبائر الذنوب؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: "من


(١) رواه مسلم، كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، رقم (١٩٨٧).
(٢) رواه الإِمام أحمد في مسنده (٢٧٤٧٧).
(٣) رواه البخاري، كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، رقم (٥٧٧٨).
(٤) رواه مسلم، كتاب الإيمان, باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ومن غشنا. . ."، رقم (١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>