للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللفظ إذا كان يحتمل معنيين لا ينافي أحدهما الآخر فإنه يحمل عليهما جميعًا، إذن فهو يمحصهم وينقيهم من الذنوب بما أصابهم من القرح، وينقيهم أيضًا باعتبار الخلاصة؛ يعني يتبين بذلك خلاصة المؤمنين مِمَّن في إيمانهم شيء من الشك أو الكفر، وهذا أمر ظاهر، وهو كما أشار الله في قوله: {وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران: ١٤٠]، إذن من الحكمة فيما حصل للمسلمين من القرح أن الله يمحص الذين آمنوا: ينقيهم من الذنوب بما أصابهم من هذه المصيبة، وينقيهم ببيان الخلّص، أهل الصفوة.

وقوله: {وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} سبحان الله، إذا نصرهم يكون سببًا لمحقهم، لأنهم إذا انتصروا علوا واستكبروا وانتفخوا في أنفسهم، وظنوا أن لهم السيطرة دائمًا، فحينئذ يعيدون الكرة مرة أخرى لقتال المسلمين، وبذلك يكون محقهم، هذا هو وجه الآية، وقال بعض أهل العلم: {وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} أي يهلكهم بما جنوه على المسلمين من القرح، فجعل المحق يعني العذاب والهلاك في الآخرة، ولكن المعنى الأول أوجه، أنه يمحقهم محقًا حسيًا وذلك لأنهم إذا انتصروا في هذه المرة، حاولوا أن يعيدوا الكرة مرة ثانية لأجل الانتصار مرة أخرى، وبذلك يكون محقهم والقضاء عليهم.

وقوله: {الْكَافِرِينَ} مأخوذ من الكفر، وأصل الكفر في اللغة: الستر، ومنه سمي الكُفُرَّى يعني وعاء طلع النخل لأنه يستر ما كان فيه.

والحاصل أن الله سبحانه وتعالى ذكر في هاتين الآيتين لمسِّ القرح خمس فوائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>