للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من قبل أن تلقوه، وكانوا يتمنون الموت في سبيل الله لا الموت على الفراش، وذلك أنه كما يعلم الكثير من الناس تخلف عن بدر جماعات كثيرة من الصحابة، فإن غزوة بدر لم يكن الخروج فيها للغزو، ولكن لأخذ العير، ولهذا لم يخرج من أهل المدينة كلهم إلا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا على أنهم يريدون العير، ولكن الله جمع بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد فاستشهد من استشهد من المسلمين نحو ثلاثة عشر رجلًا، وتمنى الذين لم يدركوا هذه الغزوة أن يكونوا قد خرجوا فيها ولاسيما الشباب منهم، ولهذا لما استشارهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة أحد؛ أيخرج إلى العدو أم يبقى في المدينة؟ كلهم قالوا: نخرج. ولاسيما الذين تخلفوا في بدر حيث كانوا يتمنون بذلك الشهادة كما استشهد إخوانهم في بدر، نعم فهم كانوا يتمنون الموت يقولون: يا ليتنا خرجنا، يا ليتنا قتلنا في بدر، يتمنون الموت. والتمني هو أن الإنسان يطلب تقديرًا ما يصعب حصوله، هذا التمني أن يتمنى تقديرًا ما في قلبه يصعب حصوله سواء كان يصعب ثم يحصل أو يصعب ولا يحصل، ولهذا يقع التمني على الأشياء المستحيلة، كقول الشاعر:

ألا ليت الشباب يعود يومًا ... فأخبره بما فعل المشيب

ولا يمكن أن يعود، ويكون في الشيء الذي فيه العسر، ولكنه قليل، إذن يتمنون الموت، يعني في نفوسهم يتمنون أنهم كانوا مع أهل بدر فاستشهدوا فقتلوا في سبيل الله {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ}، يعني فقد حصل لكم ما تمنون {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} يعني رأيتموه وأنتم على أشد ما يكون إحساسًا. وتأمل قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>