للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأسباب إما شرعية وإما حسية، وإنكارها سفه في العقل وضلال في الدين؛ لأن النصوص قد تكاثرت وتجمعت على إثبات الأسباب. دخول الجنة لا يحصل إلا بسبب، والنجاة من النار لا تحصل إلا بسبب. والولد لا يحصل إلا بسبب، والرزق لا يحصل إلا بسبب، كل شيء لابد له من سبب، فإنكار الأسباب ضلال في الدين وسفه في العقل.

ومن العجب أن الأشاعرة ومن نحا نحوهم في هذا الباب يقولون: إن الله تعالى يوجد الأشياء بلا واسطة، وتقع الأشياء بتدبيره مباشرة بلا واسطة؛ لأنَّهم يقولون: لو أثبتنا الواسطة وجعلنا لها تأثيرًا لكان هذا نوعًا من الشرك بالله. فمثلًا يقولون: لا أثر للسكين في قطع اللحم، ولا أثر للحجر في كسر الزجاجة، فلو أتى إنسان بلحم وجعل يقطعه بالسكين فلا أثر للسكين في قطع اللحم، ولو رمى زجاجة بحجر وانكسرت، فلا أثر للحجر في كسر الزجاجة، فالأسباب لا تؤثر عندهم، وهذا سفه في العقل، لكنني أقول: هذه الأسباب لا يوجد بها المسبَّب بذاتها وإنما يوجد بما أودع الله فيها من القوى التي خلقها الله عزّ وجل، ومن ذلك الرعب الذي يلقى في قلوب الذين كفروا بسببٍ وهو الإشراك.

٧ - أنه إذا كان الرعب يلقى في قلوب الذين كفروا لإشراكهم، فإن الأمن يلقى في قلوب الذين آمنوا لتوحيدهم؛ لأن ما ثبت للشيء ثبت ضده لضده، فإذا ثبت الرعب للكفار بسبب إشراكهم ثبت الأمن للمؤمنين بتوحيدهم، ويدل لهذا قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: ٨٢]، والظلم هو

<<  <  ج: ص:  >  >>