للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦ - إثبات الحكمة في أفعال الله بقوله: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ} والنصوص في إثبات حكمة الله لا تعد ولا تحصى، بل حتى الأمور الكونية التي لا حصر لها كلها تفيد إثبات حكمة الله عزّ وجل.

١٧ - أن العبرة والمدار على القلوب التي في الصدور؛ لقوله: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ} وقد بيَّنا فيما مضى أن أحكام الدنيا على الظواهر، وأحكام الآخرة على البواطن، ودليل ذلك قوله تعالى: {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات: ٩، ١٠]، وقوله تبارك وتعالى: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: ٨، ٩]، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يقتل المنافقين وهو يعلم ببعضهم ويقول: "لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه" (١) إجراءً على ظاهرهم، ولأنه لو رُجِع إلى الباطن في أحكام الدنيا لسادت الفوضى بين الأمة؛ لأن كل إنسان قد يقتل الشخص أو يؤدبه أو يعزِّره ويقول: إن قلبه منطو على الكفر والنفاق، ويحصل في هذا من الشر ما لا يمكن أن تعيش الأمة به، ولكن الله بحكمته ورحمته جعل أحكام الدنيا على الظواهر.

١٨ - أن الله تعالى قد يبتلي عباده بما ينقي قلوبهم ويخلصها من الشوائب؛ لقوله: {وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} والتمحيص كما قلنا التنقية.


(١) رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}، رقم (٤٩٠٥). ورواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب نصر الأخ ظالمًا أو مظلومًا، رقم (٢٥٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>