قصرَ ولا فطرَ لتائهٍ ضالِّ الطَّريق، ولا لسائحٍ لا يقصد مكانًا معيَّنًا؛ لأنَّ السَّفر إذنٌ ليس بمباحٍ، والسِّياحة لغير موضعٍ معيَّنٍ مكروهةٌ، قال شيخ الإسلام:(السِّياحة في البلاد لغير قصدٍ شرعيٍّ، كما يفعله بعض النُّسَّاك أمرٌ منهيٌّ عنه).
الشَّرط الثَّالث: أن يكون السَّفر طويلًا، وهو ما (يَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا) تقريبًا لا تحديدًا، (بَرًّا وَبَحْرًا)؛ للعمومات، (وَهِيَ) أي: السِّتَّة عشرَ فرسخًا (يَوْمَانِ قَاصِدَانِ) أي: مسيرة يومين معتدلين بسير الأثقال ودبيب الأقدام، وهي تساوي أربعة بُرُدٍ؛ لحديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما مرفوعًا:«يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَا تَقْصُرُوا الصَّلَاةَ فِي أَدْنَى مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ، مِنْ مَكَّةَ إِلَى عَسْفَانَ»[الدَّارقطنيُّ: ١٤٤٧، والبيهقيُّ: ٥٤٠٤ قال في التَّلخيص: والصَّحيح عن ابن عبَّاسٍ من قوله]، وقد روي نحوه موقوفًا عن ابن عبَّاسٍ وابن عمرَ رضي الله عنهم [البخاريُّ معلَّقًا ٢/ ٤٣، ووصله البيهقيُّ ٥٣٩٧].
واختار شيخ الإسلام: يترخَّص في طويل السَّفر وقصيره، ولا يُحَدَّدُ بمسافةٍ بل بالعُرْف، فما اعتبره العُرْف سفرًا جاز القصر فيه؛ لأنَّ السَّفر جاء في النُّصوص مطلقًا دون تحديدٍ بمسافةٍ، والقاعدة:(ما ورد مطلقًا ولم يحدِّده الشَّرع ولا اللُّغة فإنَّ المرجع في تحديده هو العُرْف)، وأمَّا حديث ابن عبَّاسٍ المرفوعُ فضعيفٌ، وأمَّا الآثار المذكورة فقد قال ابن قدامةَ:(أقوال الصَّحابة متعارضةٌ مختلفةٌ، ولا حجَّةَ فيها مع الاختلاف).
- فرعٌ: البريد الواحد يساوي أربعة فراسخَ، والفرسخ يساوي ثلاثة