لأنَّ أجزاء البناء ومادته لا تأثيرَ لها في ذلك (١)، ويدلُّ لذلك: أنَّ أبا هريرةَ كتب إلى عمرَ رضي الله عنهما يسأله عن الجمعة وهو بالبحرين؟ فكتب إليهم:«أَنْ أَجْمِعُوا حَيْثُ مَا كُنْتُمْ»[معرفة السنن للبيهقي ٦٣٣٤]، ولم يشترط بناءً مخصوصًا، قال الشَّافعيُّ:(معناه: في أيِّ قريةٍ كنتم؛ لأنَّ مقامهم في البحرين إنَّما يكون في القرى).
الثَّالث: المستوطن ببناء خارج المِصْر، ولا يخلو ذلك من أمرين:
١ - أن يكون بينه وبين منارة مسجد المِصْر فوق الفرسخ، فلا تجب عليه؛ لأنَّه ليس من أهلها ولا يسمع النِّداء.
٢ - (وَ) تجب (عَلَى مُقِيمٍ خَارِجَ البَلَدِ إِذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعِهَا مِنَ المَنَارَةِ نَصًّا فَرْسَخٌ فَأَقَلُّ): فتجب عليه بغيره؛ لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعًا:«الجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ»[أبو داود ١٠٥٦]، ومظنَّة سماع النِّداء تكون من فرسخٍ فأقلَّ، و «كان أنسٌ رضي الله عنه، في قصْره أحيانًا يُجَمِّع وأحيانًا لا يُجَمِّعُ، وهو بالزَّاوِيَة على فَرسخين»[مصنف ابن أبي شيبة ٥٠٧٦].
(١) وقال في موضع آخر: (يُشْتَرَطُ مع إقامتهم في الخيام ونحوها أن يكونوا يزرعون كما يزرع أهل القرية). "الاختيارات الفقهية" ص ٤٣٩.