محالًّا متباعدةً، لكلِّ بطنٍ من الأنصار محلٌّ، ومع ذلك وجبت عليهم الجمعة.
فلا تجب الجمعة على أصنافٍ:
الأوَّل: غير مستوطنٍ، وهو المسافر، وهو على ثلاثة أقسامٍ:
١ - تجب عليه بنفسه -وهو من تنعقد به، ويؤمُّ فيها-، وذلك إذا نوى الاستيطان.
٢ - تجب عليه بغيره -وهو من لا تنعقد به، ولا يصحُّ أن يؤمَّ فيها-، وذلك في ثلاث حالاتٍ أشار إليها بقوله:(وَ) تجب الجمعة (عَلَى: مُسَافِرٍ لَا يُبَاحُ لَهُ القَصْرُ)، وهو: من نوى إقامةً تمنعه القصر، أو كان سفره سفرَ معصيةٍ؛ لئلَّا تكون معصيته سببًا للتَّخفيف عنه، أو كان سفره فوق فرسخٍ ودون المسافة؛ لعموم الأخبار في وجوب الجمعة.
٣ - أن لا تجب عليه بنفسه ولا بغيره، وهو المسافر سفر قصرٍ مباحٍ، ولم ينو الإقامة ولا الاستيطان؛ لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه كانوا يسافرون في الحجِّ وغيره، فلم يصلِّ أحدٌ منهم الجمعة في السَّفر مع اجتماع الخلق الكثير.
الثَّاني: مستوطنٌ بغير بناءٍ، كأهل الخيام وبيوت الشَّعَر؛ لأنَّ العرب كانوا حول المدينة وكانوا لا يصلُّون الجمعة، ولا أمرهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بها.
واختار شيخ الإسلام: تجب عليهم إذا كان مبنيًّا بما جرت به عادتهم؛