قال المتكلمون: الملائكة أجسام علوية لطيفة تتشكل أي شكل أرادوا، وقال إمام الحرمين: تمثُلُ جبريل معناه: أن الله أفنى الزوائد من خلقه أو أزاله عنه ثم يعيده إليه، وجزم ابن عبد السلام بالإزالة دون الفناء.
وقال البلقيني: يجوز أن يكون أتى بشكله الأصلي من غير فناء ولا إزالة إلا أنه انضم فصار على قدر هيئة الرجل، وإذا ترك ذلك عاد إلى هيئته، ومثال ذلك: القطن إذا جمع بعد أن كان منتفشا فإنه بالنفش يحصل له صورة كبيرة وذاته لم تتغير، وهذا على سبيل التقريب.
والحق أن تمثُّل الملك رجلًا ليس معناه أن ذاته انقلبت رجلًا، بل معناه: أنه ظهر بتلك الصورة تأنيسًا لمن يخاطبه، والظاهر أيضا أن القدر الزائد لا يزول ولا يفنى، بل يخفى على الرائي فقط.
(فيكلمني) في رواية للبيهقي من طريق القعنبي عن مالك: بالعين بدل الكاف.
قال ابن حجر: والظاهر أنه تصحيف، فإنه في "الموطأ" رواية القعنبي بالكاف.
(فأعي ما يقول) زاد أبو عوانة في "صحيحه": "وهو أهونه عليّ" وعبر في الشق الأول بقوله: "وقد وعيت ما قال" بلفظ الماضي وهنا بلفظ المستقبل، لأن الوعي حصل في الأول قبل الفصم، وفي الثاني عقب المكالمة.
وقد روي ابن سعد من طريق أبي سلمة الماجشون: أنه بلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول:"كان الوحي يأتيني على نحوين: يأتيني به جبريل فيلقيه عليَّ كما يلقي الرجل على الرجل فذاك يتفلت مني، ويأتيني في شيء مثل صلصلة الجرس حتى يخالط قلبي فذاك الذي لا يتفلت مني".