وقال محمد بن عرفة نفطويه: ذهب ناس إلى [أنّ] النبي صلى الله عليه وسلم مُعاتبٌ بهذه الآية، وحاشاه من ذلك، بل كان له أن يفعل وأن لا يفعل حتى ينزل عليه الوحي، كما قال:" لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لجَعَلْتُهَا عُمْرةً "؛ لأنه كان له أن يفعل وأن لا يفعل، وقد قال له الله:{تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وتؤوي إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ}[الأحزاب: ٥١]، لأنه كان له أن يفعل ما شاء، فلما كان له أن يفعل ما شاء مما لم ينزل عليه فيه وحي، واستأذنه المتخلفون في التخلف واعتذروا، اختار أيسر الأمرين تكرماً وتفضلاً منه، صلى الله عليه وسلم، فأبان الله، عز وجل أنه لو لم يأذن لهم لأقاموا، للنفاق الذي في قلوبهم، وإنهم كاذبون في إظهار الطاعة له والمشاورة.
ف:{عَفَا الله عَنكَ}، عنده افتتاح كلام، أعلمه الله عز وجل، به أنه لا حرج عليه فيما فعل من الإذن، وليس هو عفواً عن ذنب، إنما هو أنه تعالى أعلمه أنه لا يلزمه بترك. الإذن لهم، كما قال عليه السلام:" عَفَا اللهُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الخَيْلِ والرَّقِيقِ وَمَا وَجَتَا قَطُّ " ومعناه: ترك أن يلزمكم ذلك.