منه بالليل، والمعنى: أن الأرض صارت على هذا بالليل والنهار، فتصبح بمعنى فأصبحت، وهذه أصول من باب صار وأخواتها، وأعلم أن أصل أصبح وأمسى أن تقول: أصبح الرجل وأمسى أي: وافق الصباح ووافق المساء، وكذلك أصبحنا وأمسينا، معناه: دخلنا في الصباح والمساء.
ثم قالوا: أصبح زيد عالماً، وأمسى جاهلاً. أي: تبين ذلك منه في وقت الصباح والمساء ولم يرد أنه يكون في الصباح على حال لا يكون عليها في المساء، وقولهمه ظل فلان قائماً، فلا يكون ظل إلا بالنهار، كما أن بات بالليل، واشتقاقه من الظل، والظل إنما يكون بالنهار، فلذلك لم يقع " ظل " إلا بالنهار.
وقولهم:" صار زيد عالماً. أصلها من صرت إلى موضع كذا، أي: بلغته، فالمصير انقطاع البلوغ. ومنه قوله: " إليه المصير "، أي: غاية البلوغ والانتهاء، ثم اتسع فيها حتى جعلت للخبر، فقيل: صار عبد الله عالماً أي: بلغ هذه الصفة، فلذلك كانت للشيء الذي ينقطع إلى وقتك تقول: صار عبد الله رجلاً. أي: بلغ ذلك هذا الوقت، وليست بمنزل " كان " التي توجب علمه قبل ذلك، فصارت لانقطاع الغاية، وانطقاع الغاية وقت خبرك، فإن أردت أن تخبر بـ " صار " إنما هو كان قبل وقتك، أدخلت " كان " فقلت: كان زيد قد صار عالمً، ورأيته أمسى صار عالماً.