ثم قال:{غُدُوُّهَا شَهْرٌ} أي: سيرها به إلى انتصاف النهار مسيرة شهر، وسيرها به من انتصاف النهار إلى الليل مسيرة شهر، قاله قتادة وغيره.
قال ابن يد: كان لسليمان مركب من خشب، وكان له فيه ألف ركن، في كل ركن ألف بيت، يركب معه فيه الإنس والجن، تحت كل ركن ألف شيطان يرفعون ظل المركب هم والعُطَّارُ - والعصار الريح العاصف - فإذا ارتفع ظله أتت الرُّخاء فسارت به وصاروا معه، يقيل عند قوم بينه وبينهم شهر، ويسمي عند قوم بينهم وبينه شهر فلا يدري القوم إلاّ وقد أظلم معه الجيوش والجنود.
ثم قال تعالى:{وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ القطر} أي: وأذينا له عين النحاس كانت بأرض اليمن، قاله قتادة، قال: وإنما ينتفع الناس اليوم مما أخرج الله لسليمان.
ثم قال:{وَمِنَ الجن مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ} أي: منهم من يطيعه، يأتمر لأمره فيعمل بين يديه لما يأمره به طاعة لله جل ذكره.
فمعنى {[بِإِذْنِ] رَبِّهِ}: أمر الله له بذلك، وتسخيره له إياه. فأمن في موضع رفع الابتداء والمجرور المتقدم الخبر ويجوز أن تكون " من " في موضع نصب على