ولهذا أمثلة كثيرة منها قوله تعالى للرسول - صلى الله عليه وسلم -: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: ٦ - ٨]. قال: ألم يجدك يتيمًا ولم يقل: فآواك، ووجدك ضالًا ولم يقل: فهداك، مع أن الخطاب له، ووجدك عائلًا ولم يقل: فأغناك، بل حذف المفعول ليؤذن بعموم العامل. فالرسول عليه الصلاة والسلام: وجده ربه يتيمًا فآواه، وآوى به، حتى جعله فئة لكل مؤمن، ووجده ضالًا فهداه وهدى به، وكذا وجده عائلًا فأغناه وأغنى به.
وقال:{مُطَهَّرَةٌ} ولم يقل: مطهرات؛ لأن نعت الجمع يجوز أن يكون مجموعًا ويجوز أن يكون مفردًا، إلا جمع المؤنث السالم فإنه يكون مجموعًا؛ فتقول مثلًا: مررت بنساء مؤمنات، ولا تقول: بنساء مؤمنة، ومررت بمسلمات صالحات، ولا تقول: بمسلمات صالحة.
وقوله:{وَأَزْوَاجٌ} جمع تكسير؛ فيجوز في وصفه الإفراد والجمع، يجوز أزواج مطهرات، وأزواج مطهرة. قال ابن مالك:(والله يقضي بهبات وافرة)، ولو قال: وافرات لصحَّ.
وقوله تعالى:{وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ}:
هذا من أعظم شيء؛ أن الله سبحانه وتعالى يحل عليهم رضاه فلا يسخط عليهم بعده أبدًا، كما قال الله تعالى لما عدد نعيم أهل الجنة:{وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}[التوبة: ٧٢].
وأعظم من ذلك النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى، كما قال الله تعالى:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}[يونس: ٢٦] فلا ألذ ولا أمتع ولا أحسن لأهل الجنة من النظر إلى وجه الله