كلام السلف ما رأيت أحدًا منهم قال: إن الله ليس في السماء. وأما العقل فقد دل على علو الله. كيف دلَّ؟ لا شك أن العلو (علو المكان) كعلو المكانة، أي أنه كمال، وإذا كان كذلك فلله كل صفة كمال. أما الفطرة فإن كل إنسان لم يقرأ كتب أهل البدع يتجه قلبه إذا ذُكر الله إلى العلو، ولهذا يُقال: إن أبا المعالي الجويني كان يُقرر في العلو ويقول: إن الله تعالى كان ولم يكن شيءٌ قبله، وهو الآن على ما كان عليه.
وهذا الكلام قد لا يفهمه الإنسان، لكنه يُريد أن يُنكر استواء الله على العرش، فقال له الهمذاني رحمه الله: يا شيخ دعني من ذكر العرش، أخبرنا عن هذه الضرورة التي يجدها الإنسان، فما قال عارف قط (يا الله) إلا وجد من قلبه ضرورة طلب العلو؟ . فجعل يضرب على رأسه، ويقول: حيَّرني الهمذاني، حيَّرني الهمذاني. فلم يجد له جوابًا.
إذن نقول: علو الله ثابت بالأدلة الخمسة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل، والفطرة، وابن القيم رحمه الله يكرِّر هذا المعنى في النونية كثيرًا؛ لأنه من أعلى صفات الكمال.
٣ - إثبات إحاطة الله عزّ وجل بما نعمل؛ لقوله:{وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}، ويترتب على هذا، الأدب السلوكي، وهو أن نحذر من مخالفته، لأننا إذا كنا نعلم أنه بصير بما نعمل، فسوف نتجنَّب كل ما يُسخطه جل وعلا، ونأتي بكل ما يُرضيه، لاسيما وأن الآية جاءت بعد قوله:{أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ}[آل عمران: ١٦٢].