للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن الله سبحانه وتعالى لا يقدر أن يفعل، لا يقدر أن ينزل، لا يقدر أن يستوي، لا يقدر أن يأتي يوم القيامة للفصل بين عباده؟ أم ماذا تريد؟

إن أردت هذا، فهذا خطأ؛ فالله قادر على أن يفعل، على أن يستوي على العرش، على أن ينزل إلى السماء الدنيا، على أن يأتي للفصل بين عباده، كما صحَّ بذلك النقل.

أم تريد بقولك: خصَّ العقل ذاته، أنه لا يقدر على أن يفعل بنفسه ما لا يليق به؛ كالموت مثلًا؟ إن أردت ذلك فهذا خطأ منك أيضًا، وذلك لأن القدرة إنما تتعلق بالممكنات، أما المستحيلات فهي مستحيلة غير واقعة؛ هل يمكن أن نقول: إن الشيء يكون متحركًا ساكنًا في آن واحد؟ لا يمكن؛ لأن هذا لا تتعلق به القدرة أصلًا، والله عزّ وجل لا يمكن أن يتصف بالنقص، ولله المثل الأعلى، فكونك تفرض أن الله تعالى يمكن أن يتصف بالنقص، ولكنه غير قادر عليه، فهذا خطأ عظيم. فنقول: هذا أصلًا غير وارد على القدرة، كما قال السفاريني رحمه الله: ["بقدرةٍ تعلقت بممكن"].

فالشيء المستحيل مستحيل، لا تتعلق به القدرة أصلًا؛ لأنه إذا كان الشيء ساكنًا لا يمكن أن يكون متحركًا، وإذا كان متحركًا لا يمكن أن يكون ساكنًا، والله قادر على كل شيء، لكن إذا قدر أن يجعله متحركًا صار غير ساكن، وإذا قدر أن يكون ساكنًا صار غير متحرك، فهذا أصلًا لا يرد على العقل، فإذن نقول: إن الله على كل شيء قدير عمومًا مطلقًا لا استثناء فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>