ولهذا كلنا يعلم أن أبا طالب مصدق لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويرى أن ما أخبر به مثل الشمس، حتى إنه يقر بذلك في قصائده ويقول:
لقد علموا أن ابننا لا مكذب ... لدينا ولا يعنى بقول الأباطل
ويقول:
ولقد علمت بأن دين محمد ... من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة ... لرأيتني سمحًا بذاك مبينا
إذن هو مصدق، لكن لم يكن تصديقه هذا متضمنًا للقبول والإذعان، فلم يقبل منه.
وقوله:{فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}:
الفاء هنا للسببية، أي: بسبب إيماننا فاغفر لنا؛ لأن الإيمان لا شك أنه وسيلة للمغفرة، وكلما قوي الإيمان قويت أسباب المغفرة، حتى إنه إذا أخلص الإنسان إيمانه صارت حسناته تذهب سيئاته، ولهذا قال:{فَاغْفِرْ لَنَا}، أي: بسبب الإيمان اغفر لنا، وهذا من باب التوسل بالطاعة لقبول الدعاء.
وقوله:(اغفر): فعل دعاء وليس فعل أمر؛ لأن العبد لا يأمر الله لكنه يدعوه. إذن كل فعل بصيغة الأمر موجَّه إلى الله، يسمى فعل دعاء، ولا يسمى فعل أمر.
والمغفرة: مأخوذة من الغفر، وهو الستر مع الوقاية، ومنه (المِغْفَر) الذي يلبسه المقاتل في رأسه ليستر الرأس ويقيه السهام، فليست المغفرة مجرد الستر، بل هي ستر ووقاية، ولهذا نقول: مغفرة الذنوب سترها عن الناس، والعفو عن عقوباتها.
ويدل لهذا أن الله سبحانه وتعالى يخلو يوم القيامة بعبده