المؤمن، ويقرره بذنوبه؛ يقول: عملت كذا، وعملت كذا وكذا، وعملت كذا حتى يقر، فيقول الله عزّ وجل:"قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم"(١). يعني: لا أجازيك عليها.
ويقال: إن بني إسرائيل كان الواحد منهم إذا أذنب ذنبًا أصبح وذنبه مكتوب على بابه -والعياذ بالله- فضيحة. أما هذه الأمة فستر الله عليها ولله الحمد، ولكن فتح لها أبواب التوبة كما قال تعالى:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}[الزمر: ٥٣].
والله عزّ وجل يمهل الإنسان ويحلم عليه، وإذا وفق اتعظ من نفسه بنفسه؛ فيستحي من الله عزّ وجل، ويخشى أن يفضحه الله؛ لأن الإنسان إذا تجرأ على ربِّه في السر، فربما يفضحه في العلانية إذا لم يتب إلى الله عزّ وجل، فإن تاب تاب الله عليه، وأبدل سيئاته حسنات.
وقوله:{فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}:
الذنوب: هي المعاصي، وهي إما كبائر، وإما دون ذلك وهي الصغائر، وكلها تحتاج إلى مغفرة. والصغائر إما أن تكفر بالحسنات أو بالتوبة، فإذا كفرت بالحسنات فإنها تمحى فقط، ولا تبدل بحسنات، وإذا كفرت بتوبة أبدلت بحسنات، كما قال تعالى:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود: ١١٤]، وقال: {إِلَّا
(١) أخرجه البخاري، كتاب المظالم والغصب، باب قول الله تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} رقم (٢٤٤١). ومسلم، كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله، رقم (٢٧٦٨).