للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٣٣] وهنا جاءات (في) مكان (إلى) وهذا من باب التضمين، وقد اختلف علماء النحو في مثل هذا التركيب إذا عُدي الفعل بغير الحرفِ المعتاد هل التجوز بحرف الجر أو بالفعل الذي تعدى بحرف الجر؟ على قولين:

الأول: أن التجوز في حرف الجر يعني أن نقدر حرفًا مناسبًا للفعل فنقول: (في) بمعنى (إلى).

الثاني: أن التجوز في الفعل؛ بمعنى أن نضمن الفعل معنى يتعدى بـ (في).

والفرق بين القولين أنه على القول الأول: نُحوّل معنى الحرف الموجود إلى الحرف المناسب للفعل، وعلى الثاني: نُحوّل الفعل إلى المعنى المناسب للحرف، وأوضح مثال لذلك قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: ٦] المعروف أن يشرب تتعدى بـ (مِن) وهنا تعدت بالباء، فقال بعض النحويين: الباء بمعنى (مِن) والتقدير (يشرب منها عباد الله).

وقال بعض العلماء: يشرب بمعنى يَروَى، ومعلوم أن الرِّيَّ يستلزم الشرب، فيكون: يشرب دالة على معنى الشرب باللزوم وعلى الري، ويكون هذا أبلغ مما لو قلنا يشرب منها؛ لأن الإنسان قد يشرب ولا يروى، وهذا الأخير هو مذهب نحاة البصرة أي: أنهم يحوّلون الفعل إلى معنى مناسب للحرف ليكون الفعل دالًا على معناه اللفظي وعلى معناه التضميني أو المعنى اللزومي. وعليه فيكون معنى الآية {يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} أي: يدخلون في الكفر مسرعين.

وهذا المعنى الثاني أولى وأدق وأعمق، فإذا فسرنا

<<  <  ج: ص:  >  >>