للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {بِمَا آتَاهُمُ} أي: بما أعطاهم الله من فضله، وفيه إشارة إلى أن هذا البخل في غير موضعه؛ لأنهم بخلوا بشيءٍ ليس من كسبهم، ولا من كدِّهم، وهذا من الحمق البالغ، إذ إن الأمر يقتضي أن الذي أعطاك إذا أمرك أن تصرفه في شيء، أن تصرفه فيه كما أمرك، لأنه فضله.

وقوله: {بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}:

أي: من خيره؛ لأن الفضل في الأصل هو الزيادة، فالإنسان قد يعمل عملًا يؤمِّل أن يكسب فيه ألفًا، فيكسب ألفين أو أكثر من فضل الله عزّ وجل.

قوله: {هُوَ خَيْرًا لَهُمْ}:

{خَيْرًا} مفعول ثانٍ لـ (يحسب) والمفعول الأول محذوف تقديره: بخلهم هو خيرًا لهم. يعني: (ولا يحسبن الذين يبخلون بخلهم خيرًا لهم بل هو شر لهم) كما ذكر الله عزّ وجل.

وقوله: (هو خيرًا لهم) (خير) هنا اسم تفضيل، فلابد فيه من مفضَّل، ومفضَّل عليه، فالمفضَّل عليه هو البخل، هو خير لهم من العطاء. يعني لا يظنُّوا أن البخل خيرٌ لهم من العطاء، فهم يظنُّون أن البخل أفضل لهم من العطاء، وهذا الظن خطأ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما نقصت صدقة من مال" (١). وكم من إنسان يزداد ماله بالصدقة، ولا تنقِص الصدقة مالًا مع الاحتساب؛ لقوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: ٣٩].


(١) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب العفو والتواضع، رقم (٢٥٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>