للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووجه كون الآيات الكونية آية: أنه لا يستطيع أحد أن يفعل مثل فعل الله عزّ وجل أبدًا. قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} [الحج: ٧٣].

ووجه كون الآيات الشرعية من آيات الله: أنه لا يستطيع أحد أن يأتي بمثل شرع الله في هداية الخلق وإصلاحهم أبدًا، لو اجتمع جميع مفكري العالم ليأتوا بدستور يُصلح الخلق كما يُصلحه الوحي، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا. قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: ٨٨].

لكن الآيات الكونية قد يعقلها كثير من الناس؛ لأنها آيات محسوسة مشهودة، حتى الكافر تقول له: هل تستطيع أن تخلق الذباب، يقول: لا أستطيع. أما الآيات الشرعية فليس كل أحد يدركها، قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (٨) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: ٧ - ١٤]، فالإنسان إذا اجتمعت الذنوب على قلبه -نسأل الله أن يطهرنا وإياكم منها- صار لا يرى الحق حقًّا ولا الباطل باطلًا، عمي -والعياذ بالله- يُتلى عليه القرآن فيقول: هذه أساطير الأولين ليس كلام رب العالمين. ولهذا نقول: إن الآيات الشرعية هي التي فيها الامتحان والابتلاء، ومن ثَمَّ لم ينكر أحد ربوبية الله، كلٌّ مُقِرٌّ بأن اللهَ ربُّ العالمين، وأنه الذي خلق السموات والأرض، لكن الآيات الشرعية أُنْكِرَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>