للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأثبت الأذية، وقال تعالى في الحديث القدسي: "يؤذيني ابن آدم، يسبُّ الدهر وأنا الدهر" (١) فأثبت الأذية أيضًا، أما الضرر فلا. فهنا يسمع المؤمنون من أهل الكتاب ومن المشركين ما يؤذيهم ولكنه لا يضرهم.

ثم قال: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا}:

تصبروا على ما سمعتم، وعلى ما ابتليتم به في أموالكم وأنفسكم. والصبر بمعنى الحبس، ومنه قولهم: (قتل صبرًا) أي حبسًا، يوقف ويحبس ويقتل.

وهو في الشرع: حبس القلب واللسان والجوارح عمَّا يغضب الله عز وجل.

قال أهل العلم: والصبر على ثلاثة أقسام:

١ - صبرٌ على طاعة الله، وهو أعلى الأقسام.

٢ - صبر عن معصية الله، وهو دونه.

٣ - وصبرٌ على أقدار الله المؤلمة، وهو دون الاثنين الأوليين؛ لأن الاثنين الأوليين: صبرٌ على شرع الله، والثالث صبرٌ على قدر الله، والصبر على قدر الله يكون من المؤمن والكافر، ومن الناطق والبهيم، لكن الصبر على شرع الله لا يكون إلا من المؤمن، ثم الصبر على المأمور أعلى من الصبر عن المحظور؛ لأن الصبر عن المحظور كفٌّ فقط، والصبر على المأمور فعل؛ فهو إيجاد وعمل، ففيه نوع من الكلفة بخلاف الصبر عن فعل المحظور، فإنه ليس إلا مجرد كفّ، على أنه قد


(١) تقدم تخريجه (ص ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>