للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه الصلاة والسلام ليس هو الذي بشَّر به عيسى؛ لأن الذي بشَّر به عيسى اسمه أحمد، وهذا اسمه محمد، وهذا كتمان، كتمان معنى.

فإن قال قائل: هل يشعر العالِم بهذا الميثاق وأنه جرى بينه وبين الله عزّ وجل صفقة عهد؟

الجواب: أنه لا يشعر به، لكن إيتاء الله العلم له يعتبر ميثاقًا، فالله تعالى لم يهبه هذا العلم إلا من أجل أن يبيِّنه وإن كان الإنسان لا يستحضر أنه جرى بينه وبين الله عهد.

قال: {وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ}:

نبذوه: أي نبذوا الميثاق، أي طرحوه، ومع ذلك لم يطرحوه بين أيديهم بل طرحوه وراء ظهورهم، وهو كناية عن شدة إعراضهم عما آتاهم الله من الكتاب حيث نبذوه نبذًا ولم ينبذونه أمامهم بل وراء ظهورهم، فيكون هذا أشد في كراهية ما أنزل الله وفي الاستكبار عنه والإعراض عنه.

{فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا}:

اشتروا به؛ أي: استبدلوا به ثمنًا قليلًا، أي بهذا العهد والميثاق ثمنًا قليلًا، وما هو الثمن القليل الذي اشتروه؟ هو إبقاء رئاستهم وجاههم وسلطانهم على قومهم؛ لأن هؤلاء الأحبار والقسيسين لو تبعوا محمدًا زالت رئاستهم ووجاهتهم وصاروا كعامة الناس، فقالوا: نكذب محمدًا ونبقى على ما كنا عليه من الرئاسة والجاه والتقديم، إذن ما هو المبيع، وما هو الثمن؟

المبيع: العهد. والثمن: الجاه والرئاسة وما أشبه ذلك.

ووصف الله هذا بأنه قليل؛ لأن جميع ما في الدنيا قليل،

<<  <  ج: ص:  >  >>