و (لا تحسِبن) بكسر السين، وفيها قراءة (لا يحسَبن) بالياء بدل التاء، فالقراءات ثلاث:(لا تحسَبن)، (لا تحسِبن)(لا يحسَبن الذين يفرحون)، فعلى قراءة التاء يكون الخطاب موجهًا إما للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وإما لكل من يصح أن يتوجه إليه الخطاب، والمعنى الثاني أعم وأشمل، يعني: لا تحسبن أيها المخاطب.
وقوله:{الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا}:
(الذين): محلها من الإعراب أنها مفعول أول لتحسبن، والمفعول الثاني إما أن نقول: إنه محذوف قبل الجملة {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ} ويكون المعنى: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ناجين، ثم فرَّع عليه قوله تعالى:{فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ}، ويحتمل أن قوله:{فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ} جملة مؤكدة لقوله: {لَا تَحْسَبَنَّ} وعلى هذا فيكون قوله: {بِمَفَازَةٍ} هو المفعول الثاني، والأول أقرب، أي: لا تسحبنهم ناجين، فلا تحسبنهم بمفازة.
وقوله:{فَلَا تَحْسَبَنَّهُم} فيها قراءتان أيضًا بل ثلاث قراءات: (فلا تَحسِبَنَّهم) و (فلا تَحسَبَنَّهم) و (فلا يَحسِبُنَّهم) أي لا يحسبون أنفسهم بمفازة من العذاب.
يقول الله عزّ وجل:{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا}:
أي يفرحون فرح أشرٍ وبطرٍ ومنةٍ على الله وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {بِمَا أَتَوْا}، أي بما أتوا من الأعمال التي يتقربون بها إلى الله على زعمهم.