للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يتظاهروا للناس بالصلاح من أجل أن يثني الناس عليهم ولو لم يفعلوا الصلاح، مثل ما فعل أهل الكتاب كتموا صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يبينوها؛ فقالوا: الآن غلبنا محمدًا حين قلنا: إنه ليس هو المبشر به، ففرحوا بما أتوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، كذلك المنافقون يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فأما المسلم إذا فرح بما أنعم الله عليه من العمل وأحب أن يُحمد بما يفعل لا رياء ولكن من طبيعة البشر أنه يحب أن يحمده الناس، فإن هذا لا يدخل فى الآية، فالذي يدخل في الآية صنفان:

الصنف الأول: أهل الكتاب الذين فرحوا بما أتوا من كتمان صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعدم الإيمان به، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا حيث يتظاهرون للناس بأنه لو جاء الرسول الذي بشَّر به عيسى لآمنا به.

والصنف الثاني: المنافقون، فإن المنافقين يفرحون بما أتوا ويقولون: نحن أسلمنا أمام محمد وأصحابه وهم على العكس من ذلك، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من الإخلاص والمحبة لله ورسوله واتباع رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

قال: {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ}:

المفازة؛ مكان الفوز، أي لا تحسبنهم بمكان يفوزون به وينجون به من العذاب، بل هم منغمسون في العذاب والعياذ بالله.

{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}:

الجملة هذه استئنافية، لمّا بيَّن أنهم ليسوا بمفازة من

<<  <  ج: ص:  >  >>