لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد: ١٥]، وهذه الأنهار لا تنضب ولا تنقص، ولا تحتاج إلى حفر ولا إلى إقامة جدر.
قال ابن القيم في النونية:
أنهارها في غير أخدود جرت ... سبحان ممسكها عن الفيضان
وقوله:{تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}:
هل المراد من تحت الأرض أم من تحت الأشجار الساترة؟ الجواب: الثاني من تحت الأشجار الساترة والقصور، فهي أنهار مطردة، لكنها لا تؤذي لأنها تنقاد لأمر مالكها، إذا أمر هذا النهر أن ينصرف يمينًا أو شمالًا فعل بأمر الله عز وجل، وإذا أمره أن يقف وقف.
وقوله:{ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}:
قوله:{ثَوَابًا} في نصبه ثلاثة أوجه:
الأول: أنه نصب على المصدرية، فيكون مصدرًا مؤكدًا لعامل محذوف؛ لأن معنى الجملة قبله يقتضيه، والتقدير:(لأثيبنهم إثابة أو تثويبًا) فوضع ثوابًا موضع أحد هذين المصدرين؛ لأن الثواب في الأصل اسم لما يثاب به كالعطاء اسم لما يعطى، ثم قد يقعان في موقع مصدر، وهو نظير قوله:{صُنْعَ اللَّهِ} و {وَعْدَ اللَّهِ} في كونهما مؤكدين.
الثاني: أن يكون منصوبًا على الحال من جنات أي: مثابًا بها، وجاز ذلك وإن كانت نكرة لتخصصها بصفة.
الثالث: أنه حال من الضمير المفعول به، أي حال كونه مثابًا. يعني مع الحال أو مصدر، لكنه مصدر غريب، يكون