للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجب الهجرة، وإن كان عاجزًا وجبت عليه الهجرة، فإذا كان في بلاد يحبسون الحريات ويمنعون المسلمين من إقامة شعائر دينهم كالصلوات في الجماعة مثلًا؛ فالهجرة هنا واجبة؛ لأن المسلم لا يقدر على إظهار دينه. وإن كان في بلد تعتبر نفسها بلد حرية فإن الهجرة ليست بواجبة، لكن مع هذا نقول: هي أكمل وأحسن مما لو بقي. وعليه فإذا كان يمنع من إظهار الدين وجب عليه الهجرة حتى لو كان من أهل البلد أصلًا، أما إذا كان في بلد الحرية فالهجرة أكمل، خوفًا من الفتنة.

وأما الثالث: (الهجرة من بلد الفسق إلى بلد الاستقامة) هذه فيها تفصيل أيضًا: إن كان يخشى على نفسه من الفتنة وجبت عليه الهجرة، وإن كان لا يخشى لم تجب عليه الهجرة، وربما يكون بقاؤه أحسن في هذه البلاد إذا كان يدعو إلى الله.

٨ - الإخراج من الديار سبب لتكفير السيئات؛ لقوله: {وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} وكذلك أيضًا قوله: {وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا}.

لكن لو قال قائل: إن التكفير للسيئات مرتب على كل الأوصاف الخمسة؟

فالجواب عن ذلك أن نقول: إن تعليق التكفير بهذه الأوصاف الخمسة دليل على أن لكل وصف منها تأثيرٌ في الحكم، ولولا التأثير لكل واحد منها ما صحَّ أن تكون تكفيرًا للسيئات، وهذه فائدة مهمة؛ لأن بعض المجادلين قد يقولون: إن الحكم مرتب على أسباب خمسة أو أكثر فنقول: نعم إذا رتب على أسباب أكثر من واحد فإن هذه الأسباب تدل على أن لكل

<<  <  ج: ص:  >  >>