لقوله:{وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} والجنات في الأصل البساتين الكثيرة، لأنها أي البساتين الكثيرة الأشجار تجن مَنْ فيها، أي تستره وتغطيه، فيستفاد منها التشويق إلى هذا الثواب العظيم.
١٥ - أن في الجنة قصورًا؛ لقوله:{مِنْ تَحْتِهَا} والتحت لا يكون إلا في مقابل الفوق العالي، وهو كذلك.
١٦ - أن الجنة فيها عدة أنهار وهي مجملة هنا، مفصلة في سورة محمد على أنها أربعة أنهار، قال تعالى:{فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى}[محمد: ١٥].
١٧ - أن هذا الجزاء مثوبة لهم من الله، فلله فيه المنة عليهم، وليس لهم المنة على الله بعملهم؛ لقوله تعالى:{ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} ولو شاء الله لم يثبهم، ولو شاء لأثابهم دون ذلك، ولكنه بفضله جعل الثواب لهم، هذا الثواب العظيم {ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}.
١٨ - الإشارة إلى عظم هذا الثواب من قوله:{مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} وذلك لأن العطية تعظُم بحسب معطيها، والهبة تعظُم بحسب واهبها، وإذا كان ذلك من عند الله كان هذا دليلًا على أنه ثواب عظيم؛ لأن الثواب من العظيم عظيم.
١٩ - أنه لا يتلقى حصول الثواب إلا من الله؛ لقوله:{وَاللَّهُ عِنْدَهُ -أي: وحده- حُسْنُ الثَّوَابِ} فلا تذهب تتلقى الثواب إلا من عنده؛ لأنه مهما آتاك الخلق من ثواب، فإنه لن يكون مثل ثواب الله تعالى.