للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [النحل: ٦١].

وقوله: {قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُو}:

هذا حكم بعد الشهادة. فشهد الله لنفسه أنه لا إله إلا هو، وحكم لنفسه أيضًا بأنْ لا إله إلا هو، فاجتمع في كلامه عزّ وجل الشهادة والحكم، فكان شاهدًا لنفسه، حاكمًا لها بالألوهية؛ لأن المعروف في المحاكمات والمرافعات أن تؤدى الشهادة أولًا، ثم يأتي الحكم. فالله تعالى شهد أولًا، وأخبر بمن شهد معه، ثم حكم ثانيًا.

والمتكلمون يفسرون هذه الجملة العظيمة بأن المراد بها القادر على الاختراع، ففسروها بما يقر به المشركون، ولم يكونوا موحدين. فالمشركون يقرون بأن الله هو القادر على كل شيء، وأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر للأمر، ومع ذلك هم مشركون قاتلهم الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم لم يحققوا معنى (لا إله إلا الله). وأنت إذا قرأت كتب هؤلاء المتكلمين وجدت كلامهم في الألوهية يدور على تحقيق الربوبية فقط، وهذا نقص عظيم، ومن مات على ذلك دون أن يؤمن بأنه لا معبود حق إلا الله، فإنه لم يمت على التوحيد.

وقوله: {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}:

{الْعَزِيزُ}: أي ذو العزة، و {الْحَكِيمُ} مأخوذ من الحكم ومن الإحكام، فهو ذو الحكم وذو الإحكام، وسبق الكلام عليهما مفصلًا في أول السورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>