للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حجاب" (١). وإما بالأخذ من حسناته يوم القيامة. كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "من تغدون المفلس فيكم؟ " قالوا: من لا درهم عنده ولا متاع، أو قالوا: ولا دينار. قال: "المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد ظلم هذا، وضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاتهم فطرح عليه وطرح في النار" (٢).

فلابد من العدل بين العباد. ولهذا قال العلماء رحمهم الله: إن الحقوق التي بين العباد من الديوان الذي لا يترك الله منه شيئًا، فلابد أن يقتص للمظلوم من الظالم.

فإن قال قائل: إنَّ الناس يصابون بالنكبات من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات؛ ألا يكون هذا ظلمًا؟

فالجواب: كلا، ليس بظلم؛ لأن هذا بما كسبت أيدي الناس، كما قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: ٤١].

إذن فهذه المصائب فضل؛ لأن المقصود بها تأديب الخلق وردعهم حتى يرجعوا إلى الله عزّ وجل، فليس هذا من باب الظلم في شيء، بل هو من باب الجزاء بالعمل لغاية حميدة، وهي رجوع الناس عن ظلمهم، وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ


(١) أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن، رقم (٤٣٤٧). ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين، رقم (١٩).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، رقم (٢٥٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>