للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ}:

ومن جملة ما أنزل إلينا، أي: يؤمنوا بعموم الرسالة رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه مرسل إليهم كما أنه مرسل إلى العرب، فأما من قال: أنا أُومن برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - لكن للعرب خاصة فإنه لم يؤمن بما أنزل إلينا، لا يمكن أن يتم إيمانه بما أنزل إلينا حتى يؤمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم - على أنه رسول لجميع الخلق، وأنه رسول إليهم يجب عليهم أن يتبعوه.

ولهذا أقسم النبي عليه الصلاة والسلام أنه لا يسمع به أحد من هذه الأمة يعني (أمة الدعوة) يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بما جاء به إلا كان من أصحاب النار، إذا مات وهو لم يؤمن بما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - كان من أصحاب النار (١).

وقوله: {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ}:

أما ما أنزل إليهم فظاهر أنهم سيؤمنون به، اليهود يؤمنون بالتوراة، والنصارى يؤمنون بالإنجيل، ولكن إذا لم يؤمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فإنهم لم يؤمنوا بالتوراة ولا بالإنجيل؛ لأن عيسى عليه الصلاة والسلام قد بشَّرهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٥) وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصف: ٦] فقوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ} يعني محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بعد أن جاءهم بالبينات وأنه الرسول الذي بشَّر به عيسى قالوا: هذا سحر مبين، ولم يؤمنوا به ولم يتبعوه، إذن الذين يؤمنون بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم، يقول: لا يتم إيمانه بأن محمدًا أرسل إلى


(١) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، رقم (١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>