للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه الصلاة والسلام إليه، فهذا حقيقةً ليس بمتبع؛ لأنه لم يذعن لما جاء به الرسول، إنما اتبع هواه، ثم حاول أن يلوي أعناق النصوص إلى ما يوافق هواه.

وهذه مسألة خطيرة، ومحنة عظيمة، أن تجعل الهدى تابعًا لهواك. والواجب أن يكون الهوى تابعًا للهدى! ! تتعجب إذا قرأت في بعض الأحيان في كتب العلماء الأجلّاء في باب المناقشة، كيف يبنون الأدلة على ما يعتقدون من الأحكام أو من العقائد القلبية، ويحاولون أن يعطفوا هذه النصوص إلى ما يعتقدون؟ !

وقوله: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ}:

هذا مما يدل على أن الواو في {حَاجُّوكَ} يشمل: اليهود، والنصارى، والمشركين. يعني: وقل هل أنتم تفعلون مثل فعلي؟

{وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} وهم اليهود والنصارى {وَالْأُمِّيِّينَ} وهم العرب، وسموا أميين نسبة إلى الأم؛ لأن عامتهم جهال، إذ لم يأتهم رسول بعد إسماعيل عليه الصلاة والسلام، ومنهم من أخذ العلم -أي علم الرسالات الإلهية- عن النصارى مثل ورقة بن نوفل.

{أَأَسْلَمْتُمْ} فيها قراءتان، آأسلمتم، وأأسلمتم، أي: بتحقيق الهمزتين وإدخال ألف بينهما. والاستفهام هنا يراد به الأمر، يعني: قل للذين أوتوا الكتاب والأميين أسلموا، فهو مثل قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [الأنبياء: ١٠٨] يعني: فأسلموا.

وقيل: بل المراد أنه ينادي عليهم بالبلاهة، يعني: أأسلمتم

<<  <  ج: ص:  >  >>