وبهذا نعرف وجه مطابقة الجواب للشرط، وإلا فإن الإنسان قد يتوقع جوابًا غير هذا. كأنْ يقال مثلًا: فإن حاجوك فحاججهم.
وقوله:{وَمَنِ اتَّبَعَنِ}:
(من) معطوفة على الضمير في (أسلمت)، ولا يجوز أن تكون معطوفة على لفظ الجلالة؛ لأن الرسول لا يسلم وجهه لمن اتبعه، وإنما يسلم وجهه لله. ومثل ذلك قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[الأنفال: ٦٤]، فإن بعض المعربين قالوا: إن (مَنْ) معطوفة على لفظ الجلالة يعني: حسبك الله وحسبك من اتبعك من المؤمنين، وهذا غلط؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حسبه الله وحده، وحسب من اتبعه من المؤمنين.
وكأن الذين قالوا: إن "من اتبعك من المؤمنين" معطوف على (الله) استندوا إلى قول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ}[الأنفال: ٦٢]، وبينهما فرق عظيم؛ لأن {أَيَّدَكَ} أسند التأييد إلى الله، فالمؤيِّدُ هو الله، وجعل النصر والمؤمنين وسيلة.
وقوله:{وَجْهِيَ لِلَّهِ} فيها قراءتان، بسكون الياء وفتحها.
وقوله تعالى:{وَمَنِ اتَّبَعَنِ} أي: على ما جئتُ به، من العقيدة والقول والعمل، وعلامة المتبع للرسول عليه الصلاة والسلام حقًّا، هو الذي إذا قيل له: قال رسول الله، صار كقول من يقال له: قال الله. وإذا قيل له: فعل رسول الله، لم يعدل بفعله فعل أحد من الناس. هذه حقيقة الإتباع. أما من قال شيئًا، أو فعل شيئًا، أو اعتقد شيئًا، ثم حاول أن يصرف كلام الرسول