للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعنى قولهم: هذه أرض عَزَاز، أي: صلبة قوية لا تؤثر فيها المعاول.

وقوله: {ذُو انْتِقَامٍ}: أي صاحب انتقام، والانتقام أخذ المجرم بإجرامه. تقول: انتقمت من زيد. يعني: أخذت بحقي منه. قال الله تعالى: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} [السجدة: ٢٢].

وهنا قال: "ذو انتقام" ولم يقل "ذو الانتقام". وفي الرحمة قال: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} [الكهف: ٥٨] ولم يقل: "ذو رحمة". وإن كان قد قال في آية أخرى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} [الرعد: ٦]؛ لأن الانتقام ليس من أوصاف الله المطلقة، وليس من أسماء الله المنتقم. فـ (المنتقم) لا يوصف الله به إلا مقيدًا؛ فيقال: المنتقم من المجرمين، كما قال تعالى: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} [السجدة: ٢٢]. أما {ذُو انْتِقَامٍ} فهي لا تعطي معنى الانتقام المطلق؛ لأن (انتقام) نكرة، فلا تعطي المعنى على الإطلاق، بل له انتقام مقيد بالمجرمين، ونحوهم.

وبهذا نعرف أن الأسماء المسرودة في الحديث الذي رواه الترمذي لا تصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (١)، لأنها ذُكِرَ فيها من أسماء الله المنتقم، وهذا لا يصح، وحُذِفَ من أسماء الله ما ثبتت به الأحاديث فلم يُذكر فيها مثل: الشافي، والرب.


(١) أخرجه الترمذي في الدعوات، باب ما جاء في عقد التسبيح باليد، رقم (٣٥٠٧)، وقال: "غريب". وابن حبان (٢٣٨٤)، وقال ابن حزم في المحلى (٨/ ٣١): وقد جاءت أحاديث في إحصاء التسعة والتسعين اسمًا مضطربة لا يصح منها شيء أصلًا، فإنما تؤخذ من نص القرآن، ومما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>