للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يمكنه دفعه. ولهذا جاء في الأثر: "لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه" قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: "يتعرض من البلاء لما لا يطيق" (١).

وقوله: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ}:

{الْخَيْرُ}: بيد الله عزّ وجل، والخير كل ما فيه مصلحة ومنفعة للعبد، سواء كان ذلك في أمور الدنيا أو في أمور الآخرة. فالرزق والصحة والعلم خير، والعمل الصالح أيضًا خير. وهذا كله بيد الله، كما قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: ٥٣].

وهنا قد يقال: لماذا ذكر أن الخير بيده، ولم يذكر الشر، مع أن الخير من الله والشر من الله؟ ! فقال بعض المفسرين: إن هذا من باب حذف المقابل المعلوم. كقوله: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: ٨١]. وزعموا أن تقدير الآية: بيده الخير والشر.

ولكن هذا وَهْمٌ باطل، وليس المقام مقام حذف واقتصار، بل المقام مقام ثناء، والثناء ينبغي فيه البسط والتوسع في الكلام. فالحذف غير مناسب لفظًا، وهو باطل معنى؛ لأن الله لا يضاف إليه الشر، ولا يجوز أن نقول: بيده الشر؛ لأنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "والشر ليس إليك" (٢) فلا ينسب إلى الله الشر قولًا ولا


(١) أخرجه أحمد، رقم (٢٢٩٣٤). والترمذي، كتاب الفتن، رقم (٢٢٥٤)، وقال عنه: هذا حديث حسن غريب. وابن ماجه، كتاب الفتن، باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}، رقم (٤٠١٦).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعائه بالليل، رقم (١٨١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>