للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبرد يوم، لحصل ضرر عظيم، وبالعكس كذلك، لكن الربَّ الرحيم عزّ وجل الحكيم يأتي بهذا الشيء بتدرج. فمن الذي يستطيع أن يزيد في الليل ساعة، أو في النهار ساعة، لا أحد يستطيع، لو اجتمعت كل الخلائق على أن يزيدوا ساعة في الليل أو ساعة في النهار، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.

وقوله: {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ}:

الميت في الموضعين فيها قراءتان: الميْت والميِّت يعني: بالتشديد والتخفيف.

والمراد بالحيِّ: الحي حياة حسية ومعنوية، وذلك لأن اللفظ صالح للمعنيين، وإذا صلح اللفظ للمعنيين بدون تنافٍ بينهما، فالواجب حمله عليهما.

الحي حياة حسية أمثلته كثيرة، فالإنسان مخلوق من نطفة، وهي ميتة بالمعنى اللغوي، فصار حيًّا من ميت. ولهذا قال الله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: ٢٨] , كنتم في أرحام أمهاتكم أمواتًا، ليس فيكم أرواح، ثم نفخ في الإنسان الروح فصار حيًّا. إذن يخرج الحي من الميت؛ أي: يجعل الميت حيًّا، كما قال تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: ١٤] , أو يخرج حيًّا ناميًا متحركًا من شيء لا ينمو، فهو ميت؛ كإخراج الفرخ من البيضة؛ فإن البيضة ميتة يخرج منها فرخ حي. هذا الموت الحسي.

أما المعنوي: يخرج الحي من الميت أي: المؤمن من الكافر؛ لأن المؤمن حي حياة قلبية والكافر ميت، يخرج الحي العالم من الميت الجاهل، كما قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا

<<  <  ج: ص:  >  >>