للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: ١٢٢]. الأول: هو العالم، والثاني: هو الجاهل. هذه الحياة المعنوية والحسية.

وقوله: {وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ}:

الميت من الحي: بالنسبة للحياة الحسية، مثل: البيضة من الدجاجة، وربما يتناول الميت إذا سقط من حي، أعني: المرأة إذا أجهضت جنينًا ميتًا.

وقوله: {وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}:

ترزق: أي تعطي. بغير حساب: أي بغير عوض؛ لأن المحاسبة إنما تكون مع المعاوضة؛ فإن من لا يريد العوض لا يحاسب، لكن من يريد العوض هو الذي يحاسب، حتى يعلم هل ما أخذه مقابل لما أعطاه أو لا. وما أكثر النعم التي أنعم الله بها علينا، لكن لا يحاسبنا، يعطينا منه سبحانه وتعالى تفضلًا وكرمًا، وإن أمرنا بالشكر فشكرناه، فهذا عطاء ثانٍ، فشكر الإنسان ربَّه على نعمته هو من نعمته أيضًا. ولهذا يقول الشاعر:

إذا كان شكري نعمةَ الله نعمةٌ ... عليَّ له في مثلها يجب الشكرُ

فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله ... وإن طالت الأيام واتصل العمرُ

والمعنى: أن الله إذا وفَّقك لشكر نعمته، فهذه نعمة تحتاج إلى شكر، فإذا شكرتها يحتاج الشكر إلى شكر آخر، وإذا شكرت الثالث يحتاج إلى رابع وهكذا, ولهذا قال:

فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله ... وإن طالت الأيام واتصل العمر

واعلم أن رزق الله عزّ وجل نوعان: رزق به قوام البدن، ورزق به قوام القلب والروح.

<<  <  ج: ص:  >  >>