للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الأول: فيشمل المؤمن والكافر، والبَرَّ والفاجر، والمطيع والفاسق، حتى البهائم. ويدخل فيه الحرام؛ فالذي لا يأكل ولا يشرب إلا حرامًا، فهو برزقٍ من الله رزق، لكنه رزق يقوم به البدن.

والثاني: ما يقوم به القلب والروح، وهذا خاص بأهل الإيمان والعلم. فالعلم والإيمان للقلب بمنزلة الماء للشجرة، لا يمكن أن تنمو بدونه.

وكلمة {مَنْ تَشَاءُ} أي: من اقتضت حكمتك أن ترزقه. وأسباب الرزق كثيرة؛ إما حركة من الإنسان، وإما إمداد من الله. والحركة أيضًا لا تنفع إلا بإمداد من الله، لكن أحيانًا يرزق الإنسان بدون كسب، وبدون عمل؛ مثل أن يموت له قريب فيرث منه.

ومن أسباب الرزق: تقوى الله، وليس معنى التقوى أن تعكف في المسجد وتتعبد، بل التقوى أعم من ذلك؛ فالساعي على الأرملة والمسكين، الذي يذهب ويطلب لهم الرزق ويقوم عليهم "كالمجاهد في سبيل الله" كما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (١). والمسكين: كل من لا يكتسب، حتى ولو كان من أولادك؛ فلو أنت غني، وولدك لا يكتسب فهو مسكين، فأنت إذا سعيت عليه كالمجاهد في سبيل الله، قال: وأحسبه قال: "كالصائم لا يفطر، وكالقائم لا يفتر".


(١) أخرجه البخاري، كتاب النفقات، باب فضل النفقة على الأهل، رقم (٥٣٥٣). ومسلم، كتاب الزهد، باب الإحسان إلى الأرملة، رقم (٢٩٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>