للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والركون إليه والالتجاء إليه. مثل قولك: اتخذت هذا صاحبي أي: جعلته واصطنعته واخترته. فالمعنى: لا يختار المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين.

{الْكَافِرِينَ}: مفعول (اتخذ) الأول. و {أَوْلِيَاءَ}: مفعول ثانٍ. وقوله: (أولياء) أي: لا ينصروهم، ولا ينتصروا بهم؛ فلا يتولون الكفار، ولا يجعلون الولاية للكفار عليهم. فالنهي عن الأمرين، فإذا كان الأمر في سعة والمؤمنون في قوة، فإنهم لا يجوز لهم أن يتخذوا من الكفار من ينصرهم؛ لأن الكفار مهما كانوا أعداءُ المسلمين: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران: ١١٨].

فليس لنا حق أن نستعين بالكفار، إلا إذا دعت الحاجة، فلنا أن ننتصر بهم بأخذ السلاح، وما أشبه ذلك، بل وبالعهد معهم أيضًا؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعار من صفوان بن أمية دروعًا فقال له: أغصبًا يا محمَّد؟ قال: "بل عارية مضمونة" (١)، فدلَّ هذا على جواز الاستعانة بالمشرك بأخذ سلاحه.

كذلك حالف النبي - صلى الله عليه وسلم - خزاعة في صلح الحديبية (٢)، والناس


(١) أخرجه أحمد (٣/ ٤٠١). وأبو داود، كتاب البيوع، باب تضمين العارية، رقم (٣٥٦٢).
(٢) رواه أحمد (١/ ٣٥٣)، وابن أبي شيبة (٨/ ٥١٧)، وابن ماجه، رقم (٣٠٤٥)، والبيهقي في الدلائل (٤/ ١٥١) من طريق ابن إسحاق، وهذا سند حسن وشاهده في الصحيح من حديث المسور ومروان الذي ساقه ابن إسحاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>