للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ذلك الوقت ليسوا على قوة. فيجوز أيضًا أن يحالف المسلمون الكفار إذا دعت الحاجة إلى ذلك؛ لأنه قد يكون هذا من مصلحة المسلمين. فإن المسلمين إذا كانوا ضعفاء تسلط عليهم كفار آخرون، فإذا حالفوا كفارًا أقوياء انتصروا بهم؛ فصار في ذلك مصلحة.

ولكن مع ذلك لا يجوز أن نجعل هذا الانتصار بهم على حساب ديننا؛ يعني: أن نداهنهم ونمكِّنهم من أفعالهم القبيحة في بلادنا، بلاد الإِسلام؛ لأنَّ المداهنة في دين الله حرام.

وأصل النهي عن ولاية الكفار، هو من أجل أن لا يذل الإِسلام بين أيديهم؛ فإذا كان في مثل هذه الأمور مصلحة للمسلمين وقوة، صار ذلك جائزًا. هذا بالنسبة للانتصار بهم.

أما بالنسبة للانتصار لهم فهذا لا يجوز أبدًا. لا يجوز أن ننصر كافرًا على مؤمن بأي حال من الأحوال، ولكن هل يجوز أن ننصر كافرًا على كافر إذا اقتضت المصلحة ذلك؟

نقول: إن المؤمنين فرحوا حين غلبت الروم الفرس، وهم كفار علي كفار؛ كما قال تعالى: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ} [الروم: ٤ - ٥]. فإذا كان هناك عدو مشترك لنا ولهذهِ الطائفة من الكفار، ونحن نعلم أننا إن لم ننصر الكفار على هذا الكافر غلبه ثم استأصلنا، فحينئذ يكون عونه للحاجة جائزًا؛ لأننا نعينه لا لذاته، ولكن لمصلحة المسلمين، وهذا كله يعود إلى المصلحة. أما لو رأينا كافرًا يطلب منا العون على مسلم، فهذا لا يجوز بأي حال من الأحوال. ولهذا قال: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}، يعني: مِنْ سوى

<<  <  ج: ص:  >  >>