للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}:

{مَا}: من الأسماء الموصولة، وكل اسم موصول فإنه يفيد العموم، سواء كان من صيغ الجمع كالذين واللائي، أو من صيغ المفرد كالذي والتي، أو من الصيغ المشتركة كـ (ما)، و (من) وعليه فجميع الأسماء الموصولة بأصنافها الثلاثة كلها تفيد العموم. ألم تروا إلى قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: ٣٣] , أين الخبر: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}؛ فجعل الخبر جمعًا، مع أن المبتدأ مفرد؛ لأنه مفرد في اللفظ، لكنه عام في المعنى. فكل ما في السموات فهو معلوم لله عزّ وجل، وكل ما في الأرض فهو معلوم لله عزّ وجل، بعلمه الأزلي القديم.

قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [آل عمران: ٥] , وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أن الله كتب مقادير كل شيء قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة" (١)، ولا يكتب إلا ما كان معلومًا عنده عزّ وجل.

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}:

ختم الآية ببيان عموم قدرته، إشارة إلى أن الله تعالى قد وسع كل شيء علمًا وقدرة، وأنه قادر على الانتقام منكم فيما إذا أخفيتم ما لا يرضاه، ولكنه لحكمته قد يؤخر الانتقام.

وقوله: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، الصيغة عامة في القدرة، فنقول: هو قادر على كل شيء. فكل ما شاءه الله فهو


(١) رواه البيهقي (١/ ١٠١ رقم ١٧) في كتاب القدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>