للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجملة {عَمِلَتْ} صلة الموصول, وعائد الموصول محذوف، والتقدير: ما عملته من خير محضرًا.

وقوله: {وَمَا عَمِلَتْ} يشمل كل ما عملت، قلّ أو كَثُرَ. قال الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] وقوله: {مُحْضَرًا} الذي يحضره الله عزّ وجل، إما بقوله، وإما بملائكته، أو هو عزّ وجل يأمر فيحكم.

وقوله: {مُحْضَرًا} قد يتبادر للذهن أن هذا العمل يكون جسمًا، فيحضر كما تحضر الدراهم لمن يستوفيها، وإذا كان هذا مراد الله عزّ وجل، فليس بغريب أن تجعل الأعمال وهي أمر معنوي أجسامًا. وهذا هو ظاهر القرآن الكريم أن الأعمال توزن، والوزن لا يكون إلا لجسم كثيف، فتوضع الحسنات في كفة والسيئات في كفة، وليس هذا بغريب على قدرة الله سبحانه وتعالى. فهاهو الموت -وهو زوال الحياة- يمثل يوم القيامة بكبش، ويوقف بين الجنة والنار, ويقال: يا أهل النار، ويا أهل الجنة، فيطلعون فيقال لهم: تعرفون هذا؟ فيقال: هذا الموت، فيذبح ويقال: يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت (١)، وحينئذ يزداد أهل الجنة سرورًا إلى سرورهم، ويزداد أهل النار حزنًا إلى حزنهم، والعياذ بالله.

وقوله: {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ}:

الواو: هذه يحتمل أن تكون استئنافية؛ فتكون (ما) مبتدأ،


(١) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، رقم (٦٥٤٨). ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها "الضعفاء" رقم (٢٨٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>