للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه، لا بمقتضى عقولنا وإيجابنا عليه، وبهذا ننفك عن قول المعتزلة الذين يرون أن العقل هو الذي يوجب الشيء أو الذي يمنع الشيء، أو الذي يقبح الشيء أو الذي يحسِّن الشيء. ومن ذلك مثلًا: البيان للخلق، بيان الشرائع للخلق وما يجب عليهم نحو ربهم، وما يجب عليهم نحو عباد الله، واجب على الله بمقتضى الحكمة، {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى} [الليل: ١٢].

١٨ - أن هداية القرآن نوعان: عامة، وخاصة. فالعامة مثل هذه الآية: {هُدًى لِلنَّاسِ}. والخاصة مثل قوله: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: ٢] والفرق بينهما أن الهداية التي بمعنى الدلالة عامة؛ لقوله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥]، والهداية التي بمعنى التوفيق والاهتداء خاصة بالمتقين.

١٩ - أن الكتب كلها فرقان تتضمن الفرق بين الحق والباطل، وبين الصدق والكذب، وبين المؤمن والكافر، وبين الضار والنافع، كل ما يمكن أن يكون فيه فرق فإن الكتب تفرقه.

٢٠ - أنه يمتنع أن تجمع الكتب السماوية بين مختلفين، أو أن تفرق بين متماثلين أبدًا؛ لأن الفرقانَ هو الذي يفرق بين شيئين مختلفين. أما شيئان لا يختلفان فلا تفريق بينهما، ويتفرع على هذه الفائدة إثبات القياس؛ لأن القياس إلحاق فرع بأصل في حكم لعلة جامعة، فهو جمع بين متماثلين، وعدم الأخذ بالقياس تفريق بين متماثلين.

٢١ - أنه كلما اهتدى الإنسان للفروق كان أعظم اهتداء بالكتب المنزلة من الله؛ لأن الكتب كلها فرقان. فمثلًا: إذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>