للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى}.

وهذا اعتذار منها إلى الله أنها وضعتها أنثى، والأنثى ليس من العادة أن تخدم المسجد، فكأنها تعتذر إلى الله عزّ وجل من هذا النذر.

قال: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ}.

وفي قراءة سبعية: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعْتُ}.

فعلى قراءة {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعْتُ} بضم التاء تكون الجملة من باب الاحتراس، حتى لا يظن أنها تعتقد أن الله لم يعلم. فقالت: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ}، فلستُ أخبر الله بأمر يخفى عنه، بل إني أؤمن بأنه عالم بما وضعتُ، أما على قراءة (السكون) {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} فالكلام من الله، وفيه دفاع عن هذه المرأة بأن الله تعالى يعلم أنها لم تقل: {إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} إخبارًا منها لله؛ لأنه سبحانه وتعالي زكاها بقوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ}، هذا من وجه، ومن وجه آخر ليبيِّن عزّ وجل أن قولها: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} لا يعني أن الله لا يعلم بما وضعت بل هو عالم.

و{أَعْلَمُ} اسم تفضيل يدل علي أن المفضل زائد على المفضل عليه في هذا الوصف، كما لو قلت: فلان أكرم من فلان؛ معناه أن هذا المفضل وهو فلان زائد في الكرم على المفضل عليه. فـ (أعلم) هنا يعني: أعلم من كل أحد بما وضعت، ففيه إثبات العلم لله عزّ وجل مع الزيادة، وبهذا التقرير نعلم ضعف قول من قال: إن اسم التفضيل هنا بمعنى اسم الفاعل، وأن معنى قوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} أي: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>