للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وضعت)، فإن هذا القول لا شك قصور في تفسير كلام الله؛ لأن إثبات العلم بلا تفضيل أنقص من إثبات العلم مع التفضيل؛ لأنك إذا قلت: فلان عالم لا يمنع أن يكون غيره مساويًا له في العلم. لكن إذا قلت: فلان أعلم من فلان صار فاضلًا غيره في العلم وغيره مفضول. ولا أعلم -سبحان الله- كيف يفر بعض العلماء من إثبات المفاضلة بين الله سبحانه وتعالى وبين خلقه، مع أن المفاضلة لا تدل على أي نقص، بل اللفظ الذي يقتضي المشاركة هو الذي قد يحتمل النقص والمماثلة، لكن اللفظ الدال على المفاضلة ليس فيه نقص بوجه من الوجوه، فالله أعلم من كل أحد سواء كان هذا العلم مقيدًا أو مطلقًا.

وقوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} (ما): اسم موصول، والعائد ضمير مفعول به محذوف، أي: بما وَضَعَتْهُ أو بما وَضَعْتُهُ على القراءتين.

قال الله تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى}.

ليس الذكر كالأنثى، هل هذا من كلامها أو من كلام الله؟

أما على قراءة {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} فالظاهر أن كونه من كلام الله أرجح؛ لأن قوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} من كلام الله، أما على قراءة {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعْتُ} فإن كونه من كلامها أرجح لئلا تتشتت الجمل.

وفي هذه الجملة بيان أن الذكر لا يماثل الأنثى، وكأن الإنسان يحدث نفسه ويقول: إن مقتضى الحال أن تكون العبارة: (وليس الأنثى كالذكر)؛ لأن العادة أن الأدنى هو الذي يشبه بالأعلى، فهنا: (ليس الأنثى كالذكر) أقرب إلى بادي الرأي من

<<  <  ج: ص:  >  >>