للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه ذلك: أنه يسمع الدعاء، ويجيب من دعاه، وقادر على الإجابة.

فإن قال قائل: أحيانًا يدعو المرء ولا يستجيب الله دعاءه، وهنا زكريا - صلى الله عليه وسلم - يقول: {إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}، وقال إبراهيم: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: ٣٩].

فالجواب: أن يقال: إن عدم إجابة الله الدعاء؛ إما أن تكون لوجود مانع، وإما أن تكون لمصلحة الداعي أو لفوات شرط، فأما إذا تمت الشروط وانتفت الموانع ولم تقتضِ المصلحة خلاف ما دعا به الداعي، فإن الله تعالى يستجيب الدعاء قطعًا؛ لأن الله تعالى يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠].فإذا دعا الإنسان ربَّه وقلبه لاهٍ يقول: اللهم إني أسألك الجنة وما قرَّب إليها من قول وعمل، لكن قلبه مشغول بشيء آخر، فهذا فيه سوء أدب مع الله، فهنا قد تتخلف إجابة الدعوة لعدم وجود الشرط.

ومن الموانع: أن يكون الإنسان آكلًا للحرام والعياذ بالله، فإن أكل الحرام من أكبر موانعِ إجابة الدعاء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: ٥١]، وقال تعالي {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} [البقرة: ١٧٢]، ثم ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب -أربعة أسباب من أسباب إجابة الدعاء- ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأني يستجاب لذلك" (١) -والعياذ


(١) تقدم تخريجه (ص ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>