للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالسميع: بمعنى المُسمع الذي يُسمعني.

فتكون (حكيم) هنا بمعنى مُحكِم وبمعنى حاكم، فالله عزّ وجل حاكم محكم لما حكم. وحكم الله تعالى ينقسم إلى قسمين:

١ - حكم كوني:

وهو ما قضاه الله على عباده كونًا، وهذا يخضع له كل أحد من مؤمن وكافر، وبَرٍ وفاجرٍ، ولا يستطيع أحد أن يهرب منه أبدًا.

٢ - حكم شرعي:

وهو ما قضاه الله على عباده شرعًا، وهذا هو الذي اختلف فيه الناس، فمنهم كافر ومنهم مؤمن، منهم من خضع لهذا الحكم الشرعي وقام بما يجب عليه نحوه، ومنهم من استكبر عنه، وكذب به، ولم يرفع به رأسًا.

وفي الآية هنا يكون (حكيم) بمعنى ذي الحكمة أي متقن لكل ما حكم به. فكل ما حكم الله به من حكم كوني أو شرعي فهو على أتم وجه وأتقنه وأحسنه.

قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك: ٣ - ٤]. وقال: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: ٥٠].

والحكمة سواء في الحكم الكوني أو في الحكم الشرعي إما صورية؛ بأن يكون الشيء على صورة مطابقة للحكمة، أو غائية بأن تكون الغاية منه غاية حميدة، فإذا نظرنا إلى الشرع فإن جميع

<<  <  ج: ص:  >  >>