للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب: ٤١، ٤٢]، وهنا قال: {وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}، العشي: آخر النهار، والإبكار: أول النهار وهذان الوقتان قد أمر الله بذكره فيهما فقال: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: ٣٩] وقال تعالى: {بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} [ص: ١٨]، وهنا قال: {وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} والآيات في هذا كثيرة؛ لأن في الإشراق مستقبل النهار، وفي العشي مستدبر النهار، فيكون الإنسان شاغلًا وقته -أوله وآخره- بذكر الله.

والعشي يبتدئ من زوال الشمس بدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشي (١) وهي: إما الظهر واما العصر؛ وقيل: العشي ما بعد صلاة العصر إلى منتصف الليل، ولكن الأول أصح. نعم المساء يطلق من صلاة العصر إلى منتصف الليل. وأما العشي فهو آخر النهار.

وقوله تعالى: {وَالْإِبْكَارِ} الإبكار ليست جميعًا لبكر؛ لأن جمع بكر أبكار كسبب وأسباب، لكنها مصدر أو اسم لهذا الوقت المعين الذي هو أول النهار، وقوله {وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} يشمل تنزيه الله عزّ وجل عن كل ما لا يليق به. وتسبيح الله يكون عن أمور ثلاثة: عن صفة الغيب، وعن نقص في كمال، وعن


(١) رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، رقم (٤٨٢). ورواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، رقم (٥٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>